

الحسن البصري
642 م - 728 م
تابعي وزاهد مسلم
العصر الإسلامي / الزهد
عن حياته
الحسن البصري، أحد أعلام التابعين وزهّاد الأمة الإسلامية، وُلد عام 21 هـ (642 م) في مدينة المدينة المنورة، ونشأ في بيت من بيوت العلم والصلاح. كان الحسن البصري نموذجًا للعالم الحكيم والزاهد الذي جمع بين التقوى، العلم، والفصاحة. اشتهر بحكمته في القول والعمل، وكان يُعد من أبرز دعاة الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي في عصره.
النشأة والتعليم
وُلد الحسن البصري في المدينة المنورة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. نشأ في بيئة إسلامية تربوية، حيث عاش طفولته بين الصحابة الكرام، مثل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.
تربّى على يد والدته خيرة، التي كانت خادمة لأم سلمة، زوجة النبي محمد ﷺ. هذا القرب من بيت النبوة أكسبه علمًا وحكمة منذ صغره. تعلم الحسن القرآن الكريم والحديث الشريف وتفقّه في الدين، وأخذ العلم عن كبار الصحابة كعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك.
حياته العلمية والدعوية
كان الحسن البصري يُعرف بفصاحته وقوة بيانه. كان يفسر القرآن الكريم بأسلوب بليغ، مما جعله من أشهر المفسرين في زمانه. كما كان خطيبًا مؤثرًا، حيث كان يحث الناس على التقوى والزهد في الدنيا.
رحلته في العلم:
تنقل بين المدينة المنورة، البصرة، والكوفة، حيث أخذ العلم من التابعين والصحابة.
كان يُعرف بشدة التزامه بالسنة النبوية وتعظيمه للقرآن الكريم.
الدعوة إلى الزهد:
دعا الناس إلى الزهد والابتعاد عن الترف والإفراط في متاع الدنيا.
كان يذكّر بأهمية الإخلاص لله والعمل للآخرة.
الحسن البصري
الحكمة في حياة الحسن البصري
اشتهر الحسن البصري بحكمته وأقواله المأثورة التي تحمل معاني عميقة عن الحياة، الموت، والآخرة. ومن أبرز جوانب حكمته:
- الزهد والتقوى:
كان يرى أن الدنيا دار فناء، وأن السعادة الحقيقية في الإخلاص لله والعمل للآخرة.
قال: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك."
- الدعوة إلى العدالة:
دعا الحسن البصري الحكّام إلى العدل، وكان يذكّرهم بمسؤوليتهم تجاه الرعية.
قال للحجاج بن يوسف الثقفي: "اعلم أن الله سينتقم للمظلومين منك ولو بعد حين."
- العمل الصالح:
كان يحث الناس على العمل للآخرة، قائلاً: "من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره."
- الصبر على الابتلاء:
دعا إلى الصبر في مواجهة الابتلاءات، وكان يردد: "الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل."
إنجازاته وأعماله
في العلم:
ترك الحسن البصري تراثًا غنيًا من أقواله وحِكَمِه التي جمعها تلاميذه، وأصبحت مرجعًا في الزهد والأخلاق.
كان من أوائل من كتبوا في علم التفسير والحديث، وله تأثير كبير في العلوم الإسلامية.
في التربية والدعوة:
أسس مدرسة فكرية وروحية في البصرة، حيث كان له عدد كبير من التلاميذ، مثل أيوب السختياني ومالك بن دينار.
ساهم في نشر العلم والوعي بالدين وقيم العدالة والزهد في العالم الإسلامي.
الحسن البصري
الأخلاق والقيم
-التواضع:
كان متواضعًا في حياته ومعاملته مع الناس، لا يفرّق بين غني وفقير.
- الشجاعة الأدبية:
لم يكن يخشى قول الحق أمام الحكام والولاة، وكان يذكّرهم بالآخرة وبضرورة العدل.
- الإخلاص:
كان يرى أن الإخلاص لله هو أساس كل عمل صالح، وقال: "كل عمل لا يُراد به وجه الله يضمحل."
- الزهد في الدنيا:
عاش حياة بسيطة، وكان قدوة في الزهد والابتعاد عن الترف.
الأثر والإرث
ترك الحسن البصري أثرًا عميقًا في الفكر الإسلامي، ومن أبرز تأثيراته:
في الزهد:
كان مؤسسًا لمدرسة الزهد التي ألهمت الكثير من العلماء والصوفية.
في الأخلاق:
دعا إلى إصلاح الأخلاق والتوبة النصوح، وكان يرى أن صلاح المجتمع يبدأ بصلاح الفرد.
في العلوم الإسلامية:
أثرى علم التفسير والحديث بأفكاره وأسلوبه المميز.
وفاته
توفي الحسن البصري في البصرة عام 110 هـ (728 م)، عن عمر يناهز 89 عامًا. كانت جنازته مشهودة، حضرها الآلاف من محبيه وتلاميذه، ودفن في البصرة حيث قضى معظم حياته.
الخلاصة
الحسن البصري كان نموذجًا للعلماء العاملين الذين عاشوا حياتهم في خدمة الدين والمجتمع. جمع بين العلم والعمل، وبين الحكمة والزهد، وأثرى الفكر الإسلامي بأقواله ومواقفه. حياته تمثل درسًا خالدًا في أهمية الإخلاص، التواضع، والتقوى.
أقوال وحِكم
- التقوى هي أساس السعادة.
- من تواضع لله رفعه.
- لا تخف من النقد إذا كنت على الحق.
- الجنة هي هدف المؤمن.
- العلم يزيد الإيمان.
- الاستغفار مفتاح الرحمة.
- الصبر هو طريق النجاح.
- الحياة قصيرة فلا تضيعها.
- الإخلاص لله ينير القلب.
- الخير يبدأ من الداخل.
موقف حكيم
عندما سُئل الحسن البصري عن سر زهده، أجاب: "رأيت القبور تخبرنا أن الدنيا فانية، فعرفت أن الله هو الباقي". كانت كلماته درسًا في التواضع والإيمان.






