

علي عزت بيجوفيتش
1925 م - 2003 م
زعيم سياسي وفيلسوف بوسني
العصر الحديث / الفلسفة والسياسة
عن حياته
علي عزت بيجوفيتش، أول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك المستقلة، ومفكر وفيلسوف إسلامي بارز. وُلد في 8 أغسطس 1925 في مدينة بوسانسكي شاماتس بالبوسنة والهرسك. يُعدّ من أهم القادة السياسيين والمفكرين في القرن العشرين، حيث جمع بين الحكمة، الفكر الإسلامي العميق، والقيادة السياسية في أوقات عصيبة من تاريخ بلاده.
النشأة والتعليم
وُلد علي عزت بيجوفيتش في أسرة بوسنية متدينة تنتمي للطبقة المتوسطة. نشأ في ظل الاحتلال اليوغوسلافي، وتلقى تعليمه الأساسي في البوسنة. تأثر منذ صغره بالقيم الإسلامية، لكنه كان منفتحًا على الثقافات الأخرى، مما ساهم في تشكيل فكره المتوازن.
التحق بالجامعة لدراسة القانون، وحصل على شهادته في القانون والفلسفة. بجانب دراسته الأكاديمية، كان قارئًا نهمًا، واهتم بالفكر الإسلامي والغربي، مما مكّنه من صياغة رؤية متكاملة تجمع بين القيم الروحية والحداثة.
النضال السياسي
المعارضة للفكر الشيوعي:
منذ شبابه، عارض علي عزت بيجوفيتش الأيديولوجية الشيوعية التي كانت تسيطر على يوغوسلافيا، واعتبرها تتناقض مع القيم الإسلامية.
انضم إلى مجموعات شبابية إسلامية تُعنى بنشر الفكر الإسلامي التوعوي، مما جعله مستهدفًا من قبل النظام.
الاعتقال والسجن:
في عام 1946، اعتُقل بسبب نشاطاته الفكرية والدعوية، وقضى خمس سنوات في السجن.
في عام 1983، حُكم عليه بالسجن لمدة 14 عامًا بسبب كتاباته الفكرية، خاصة كتابه "الإعلان الإسلامي"، الذي دعا فيه إلى إقامة نظام اجتماعي وسياسي قائم على المبادئ الإسلامية. أُفرج عنه في عام 1988 بعد ضغوط دولية.
القيادة السياسية:
في عام 1990، أسس حزب "العمل الديمقراطي"، الذي قاد النضال من أجل استقلال البوسنة والهرسك عن يوغوسلافيا.
في عام 1992، أصبح أول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك المستقلة، وقاد بلاده خلال حرب البوسنة (1992-1995) التي شهدت واحدة من أسوأ الإبادات الجماعية في التاريخ الحديث.
الحكمة في فكر علي عزت بيجوفيتش
الجمع بين الإسلام والحداثة:
كان يرى أن الإسلام ليس فقط دينًا للعبادات، بل نظام حياة شامل يجمع بين الروحانية والعقلانية.
دعا إلى التوفيق بين القيم الإسلامية والحداثة الغربية، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.
الإنسانية والسلام:
رغم الحروب والصراعات التي واجهها، كان علي عزت بيجوفيتش داعيًا للسلام والتعايش بين الأعراق.
قال: "لسنا هنا لنكره، بل لنعيش ونحب."
التربية الفكرية:
ركز على أهمية التعليم والثقافة في بناء المجتمعات. دعا الشباب إلى التسلح بالعلم والمعرفة، وقال: "الكتب ليست أدوات للثقافة فقط، بل أسلحة للحرية."
القيم الأخلاقية:
أكد أن الأخلاق هي أساس السياسة والحكم، ورفض الانتهازية أو استخدام الدين كأداة لتحقيق مكاسب سياسية.
الأخلاق والقيم في حياته
الزهد والتواضع:
كان معروفًا بحياته البسيطة وتواضعه في التعامل مع الآخرين. رغم كونه رئيسًا، عاش حياة قريبة من شعبه.
الإخلاص:
كان مخلصًا لقضيته، وعمل بجد للدفاع عن استقلال البوسنة وحماية هويتها الإسلامية.
العدالة:
كان يسعى دائمًا لتحقيق العدالة في قراراته، سواء في السياسة أو الفكر.
الصبر:
ظل صامدًا رغم التحديات التي واجهها، سواء في السجون أو خلال حرب البوسنة.
أعماله الفكرية
"الإعلان الإسلامي":
كتابه الأول والأكثر جدلًا، تناول فيه رؤيته لبناء نظام سياسي واجتماعي قائم على القيم الإسلامية.
"الإسلام بين الشرق والغرب":
عمله الأكثر شهرة، تناول فيه العلاقة بين الإسلام والحضارات الأخرى، وأكد على أن الإسلام يمثل التوازن بين المادة والروح.
"عوائق النهضة الإسلامية":
كتاب يناقش الأسباب التي تعيق النهضة في العالم الإسلامي، ويطرح حلولًا عملية للخروج من هذه الأزمة.
مقالات ومحاضرات:
كتب العديد من المقالات التي تناولت قضايا معاصرة، مثل الديمقراطية، حقوق الإنسان، والتعايش السلمي.
التأثير والإرث
على المستوى السياسي:
قاد علي عزت بيجوفيتش البوسنة نحو الاستقلال، وترك إرثًا سياسيًا يتمثل في الدفاع عن حقوق المسلمين في البلقان.
على المستوى الفكري:
كانت كتاباته مصدر إلهام للمسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث قدم نموذجًا للقيادة الفكرية القائمة على الحكمة.
على المستوى الإنساني:
كان رمزًا للتسامح والسلام، ودعا إلى التعايش بين الأديان والثقافات.
وفاته
توفي علي عزت بيجوفيتش في 19 أكتوبر 2003 عن عمر يناهز 78 عامًا. كان موته خسارة كبيرة للعالم الإسلامي، ودفن في مقبرة الشهداء في سراييفو بجوار مناضلي البوسنة.
الخلاصة
علي عزت بيجوفيتش لم يكن مجرد سياسي أو مفكر، بل كان قائدًا حكيمًا جمع بين الفكر والعمل. ترك إرثًا عظيمًا من القيم والمبادئ التي تمثل نموذجًا للقيادة المخلصة والشجاعة. حياته تمثل درسًا في الإيمان، الصمود، والعمل من أجل بناء مجتمعات قائمة على العدالة والتسامح.
أقوال وحِكم
- الإسلام هو مزيج بين الروحانية والعقل.
- الحرية هي أعلى قيم الإنسان.
- العدل أساس القوة.
- الثقافة هي روح الأمة.
- لا حياة بدون كرامة.
- الإيمان قوة داخلية تدفع للتقدم.
- المعرفة تبدأ بالوعي.
- الإنسان يصنع تاريخه بنفسه.
- الفهم الصحيح للإسلام يحقق التوازن.
- السلام يبدأ من داخل الإنسان.
موقف حكيم
في إحدى خطبه، قال علي عزت بيجوفيتش: "الدين ليس مجرد شعائر، بل هو أخلاق وقيم تحرر الإنسان من الظلم". هذا الموقف ألهم الكثيرين لفهم أعمق للإسلام.






